لعنة حجر الجمشت
قبل أن نبدأ في سرد تفاصيل قصة لعنة الجمشت كان لابد لنا أن نعرف ما مفهوم اللعنة ؟ يمكننا تعريف اللعنة Curse على أنها رغبة صريحة في أن تصيب الشدائد وسوء الحظ شخصا معينا أو مكانا معينا أو أي شيئ مرتبط بهذا الشخص، وعلى وجه الخصوص قد تشير كلمة " لعنة " إلى رغبة أو تصريح من قبل قوة روحية أو خارقة للطبيعة مثل الإله أو الآلهة أو الروح أو أي قوة طبيعية، وتعتبر اللعنة كذلك نوعا من أنواع السحر أو العرافة . وفي العديد من المعتقدات نجد أن للّعنة نفسها (أو الطقوس المصاحبة لها) قوةً تؤثر على الأحداث وعلى البشر أيضا، وحسب هذه المعتقدات فإن إيقاف اللعنة لا يتأتى سوى " بكسرها " حيث يجب تبديد التعويذة مما يتطلب طقوسا و صلوات متقنة.
وغالبا ما نجد أن اللعنة ترتبط دائما بأغراض أو أشياء محددة والتي من المفترض أنها سُرقت من أصحابها الشرعيين أو تم نهبها من ملاذها الخاص، ومن المؤكد أن سرقتها تجلب سوء الحظ ولا يهنئ سارقها حتى يتخلص منها أو تتخلص هي منه! ولا شك أن لعنة الفراعنة تعتبر من أكثر هذه الظواهر الغريبة شيوعا، فقد تعرض العديد من اللصوص وعلماء الآثار لحوادث غامضة وقعت لهم بعد إزعاجهم لمومياوات الفراعنة، فمنهم من أصابه مرض غريب ومنهم من مات ميتة فظيعة ومنهم من أصابه سوء الحظ طيلة حياته، ورغم التفسيرات العلمية التي طُرحت خلال القرن العشرين لتفنيد هذه الظاهرة ( مثل البكتيريا أو الإشعاع) إلا أنها رغم ذلك لازالت محيرة من زوايا أخرى. وعموما تختلف القصص الكامنة وراء سبب لعن هذه العناصر القديمة ولكن ما يُتداول عادة حولها هو كونها تجلب الحظ السيئ أو تتسب في حدوث ظواهر غير عادية تكون مرتبطة بمكان تواجدها.
لعنة الجمشت تحل على كل من امتلكه
بدأت القصة حين أحضر الفارس البنغالي، الكولونيل دبليو فيريس الجمشت الملعون إلى إنجلترا بعد أن سُرق من معبد إندرا في كانبور بعد قمع التمرد الهندي عام 1857، حين نهب الجنود البريطانيون المئات من الأضرحة والمعابد والقصور وسرقوا أطنانًا كثيرة من الكنوز الهندية القديمة.
وسرعان ما انقلبت الدنيا بعدها على رأس الكولونيل فيريس بعد إحضاره للحجر، حيث أنه فقد فجأة كل ما يملك، و تدهورت بعدها صحته، وأصيب كثير من أفراد عائلته بأمراض خطيرة، وأصيب ابنه بنفس البؤس والمعاناة بعد أن ورث الحجر من والده فأعطاه لصديق له لكن ذلك الصديق أعاده له وانتحر في وقت لاحق! فعاد الحجر إلى الإبن مرة أخرى والذي وجد نفسه أمام لعنة حقيقية مخيفة . ثم بدأت بعدها سلسلة من الأحداث الغامضة التي عُرفت لاحقا باسم لعنة الجمشت أو "لعنة الياقوت الأرجواني الهندي".
وفي عام 1890 تلقى إدوارد هيرون ألين حجر الجمشت ، كان ألين عالم بريطاني متعدد المواهب وباحث طموح وعالم محترم، وله كتب عن الموسيقى، وقراءة الكف، كما أن له ترجمات في الأدب العربي إلى الإنجليزية .. لكن فور امتلاكه للحجر إذ به يواجه سلسلة من الكوارث، ومن بينها أنه أعطى الحجر ذات مرة لصديقة مغنية فذهب صوتها وذبل، وما عادت قادرة على الغناء مرة أخرى! فأكدت هذه الكارثة لهيرون ألين أن القطعة الأثرية كانت شيطانية بالفعل، وفي محاولة يائسة للتخلص منها ألقى بها ألين في قناة مائية تدعى " ريجنت " في لندن.
![]() |
| إدوارد هيرون ألين |
وما حدث بعد ذلك كان مما يصعب تصديقه حقا، حيث جاء في القصة أنه بعد ثلاثة أشهر من إلقاء ألين للحجر إلتقطه أحد صيادي المحار بشبكته، وأعاده تاجر في النهاية إلى ألين ! وقال المتحف الطبيعي أن هيرون ألين وصف الجمشت بأنه " حجر ملعون ومطلخ بالدماء".
وحتى ينتهي من هذا المأزق الغريب حاول هيرون ألين "تقييد القوة الشريرة" للحجر الملعون، فربطه بحلقة فضية على شكل ثعبان برأسين وخرزتين من خنفساء الجعران، ثم وضع الجمشت داخل سبعة صناديق وأغلقها ووضعها داخل قبو بالبنك.
تاريخياً ، يُعتقد أن اللعنات كانت قد تشكلت في الدعوات والصلوات والطقوس، حيث تستهدف فيها الرغبة في وقوع سوء الحظ لشخص معين أو ربما مكان معين، ومن الناحية التاريخية، يبدو أن اللعنات كانت جزءا مهما في الثقافات القديمة وربما كانت وسيلة لتخويف الأعداء و كذلك اعتبرت ظاهرة تتجلى فيها الشرور و المظالم في العالم.


